مطرقة برّي تهوي على طموحات الحكومة

في تصعيد هو الأعنف من نوعه، وجّه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري رصاصة الرحمة على مشروع قانون الفجوة المالية الذي طرحته الحكومة، واصفاً إياه بمشروع إعدام لمدخرات اللبنانيين وليس طريقاً لاستعادتها. وبلهجة لا تقبل التأويل، أعلن بري أن هذا المشروع سيسقط بضربة من مطرقة المجلس، ليفتح بذلك جبهة مواجهة مباشرة مع التوجهات الحكومية.
لم يكتفِ بري برفض تقني للمشروع، بل ذهب إلى عمق الأزمة الأخلاقية والمالية، معتبراً أن ما يتم الترويج له كخطة للتعافي ليس سوى التفاف على حقوق المودعين. وفي تصريحات نقلتها صحيفة الجمهورية، أكد بري أن المشروع "لا يتضمن حلولاً حقيقية لمعالجة الأزمة المالية، بل هو أقرب إلى صك براءة للذمة المالية على حساب المواطن الذي دفع ثمن سنوات من التخبط المالي.
وفي نبرة حادة، وضع بري النقاط على الحروف فيما يخص السجال القائم مع نواف سلام، واصفاً الطروحات المتداولة بأنها أكاذيب لن تمر، مشدداً على أن المؤسسة التشريعية لن تكون شاهد زور على ضياع جنى عمر اللبنانيين.
جدد بري تمسكه بموقفه التاريخي بأن حقوق المودعين خط أحمر لا يمكن تجاوزه تحت أي ذريعة اقتصادية.
 كما لفت إلى أن غالبية النواب يدركون تماماً أن مشروع الحكومة الحالي هو مشروع سيئ وغير منطقي، مما يعني ضمناً وجود توافق برلماني واسع لدفن المشروع في مهده.
يأتي موقف بري ليعيد خلط الأوراق في الساحة اللبنانية، فبينما تحاول الحكومة تسويق الفجوة المالية كشرط لازم للمفاوضات الدولية، يرى رئيس السلطة التشريعية أن الثمن المطلوب يدفعه الطرف الأضعف وهو المودع.
هذا الموقف يضع الحكومة أمام مأزق حقيقي، فهل تستطيع السلطة التنفيذية تقديم خطة بديلة تضمن استعادة الودائع؟ أم أننا سنشهد فصلاً جديداً من التعطيل المتبادل الذي يدفع ثمنه اللبنانيون يومياً من قيمة عملتهم ومستقبل أبنائهم؟
الأكيد اليوم، وبناءً على صرخة بري، أن مشروع الفجوة وُلد ميتاً، وأن مطرقة البرلمان بالمرصاد لكل من يحاول المساس بما تبقى من قدسية المدخرات.